أيّـتُها السّــاحِرَةُ الكُـبْــرَى
مَـاذا فعَـلـتِ مَـرّةً أخْــرَى
في لَحظَةٍ، حَوّلتِـني عَاشقًـا
سَلَبتِ مِنـهُ القَلبَ والفِـكْـرَ
جَرّعتِـنِي من الصّباباتِ مَا
لم أدرِ حُلـوًا كان، أو مُـرَّا
ثمّ تَركْـتِـني بأيْـدي هَــوًى
عَـرَّجَ بي مِنْ بعدما أَسْـرَى
طَوّحَ بـي في عـالَـمٍ حَالِـمٍ
يَخْطِـفُ مَنْ يَدخُـلُـهُ سِحْـرا
ألقيتِني، للحُوتِ فـي أبحُـرٍ
أصبَحْتُ فيها المَـدَّ والجَزْرَ
حتّى إذا أَغرَقْتِني في الأسَى
واغتَلْتِ فِيَّ الوَهْمَ والصَّبْـرَ
ولم أعُـدْ أَملِـكُ لي مَهْـرَبًـا
مَلَّكْـتِـني مِنْ أمْـرِكِ الأمْـرَ
فهَذه الأعطَـافُ مِنْ بَعدمَـا
ثَـنَّيْـتِـها فـي وَجْهِــنا كِـبْـرَا
لانَتْ لنَا حتّى التَحَفْـنا بهـا
يومًـا، حَسِبْـنـا لَيْـلَهُ ظُهْــرَا
وخَـدُّك الذي غَدَا جَـمْـرةً
باتَ دَمي من وهْجِهِ جَمْـرَا
وثَغْـرُكِ الذي انتَشَى فِتْنَـةً
كـانت لنَـا كُـؤُوسُـهُ خَمْـرَا
حَرَمْـتِنا بالأمْسِ مِنْ لَفْـتَةٍ
كيفَ وَهَبتِ البَـرَّ والبَحْـرَ!
مَا أغرَبَ الحُبَّ وأصحابَـهُ
لَا سِـرَّ في عُرْفِهم ولا جَهْـرَ
سَاحِـرةٌ، يا أنتِ، أمْ بِدْعَـةٌ،
اللهُ وحْـــدَهُ بِــهــــا أدرَى ؟
إنْ كُنتُ عاجِزًا عَنِ الوصفِ
يا بَـديعَــتِي ، فإنَّ لي عُذْرَا
عُيُـونُكِ التي أبَاحَتْ دَمِـي،
لم تَـدَّخِـرْ لِوَصفِـها حِبْــرَا
وشَعْرُك الذي هَـفَـا كَالشَّذاَ
لم يُبْقِ لي نَثْـرًا ولاَ شِعْـرَا